الأحد، 2 نوفمبر 2014

من هم جماعة المدينة ؟ | المتطرفون الجدد

من هم جماعة المدينة ؟ | المتطرفون الجدد
للشيخ د.طارق الطواري

سألني كثير من العقلاء عن جماعة مسخ غير واضحة المعالم مجهولة المنبت غير معروفة الجذور، ظهرت فجأة بعد تحرير الكويت عام 1991م، في الكويت والخليج والجزائر تسمي نفسها بجماعة المدينة، نسبة للمدينة المنورة طهرها الله منهم، او المداخلة، او الجامية ونسبة للشيخ ربيع المدخلي وهو منهم بريء، والشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله وهو منهم بريء، اذ كان بعضهم يلتف حول الشيخين للوصول الى بغيته.

وفجأة انتشرت هذه المجاميع وبدأت تنادي ببعض الاراء النشاز، على رأسها محاربة الجهاد وعدم التفريق بين مكانة الجهاد في الاسلام والتطبيق الخاطئ، وعدم انكار المنكر بل لابد من استئذان الحاكم في ذلك ولا ينصح المسؤولون الا سرا، وان كل حاكم باي قانون حكم واي شريعة استبدل فهو ولي امر يقوم مقام الرسول صلى الله عليه وسلم له السمع والطاعة، لا لانه حاكم متغلب وانما لانه ولي امر له بيعة شرعية، وباركوا تدمير دولة طالبان، وفرحوا بقتل وترويع المسلمين في الشيشان، وحرموا جهاد الدفع للمحتل حتى يظهر الامام، وسعوا بالوشاية ببقايا الشباب المسلم عند الانظمة والحكومات للايقاع بهم، ولبسوا على الناس دينهم واظهروا الايمان، ولبسوا مسوح العبادة والانتساب للسلف الصالح وقد كذبوا والله.

فتحتمت الاجابة ووجب البيان والايضاح.

والحق انه ليس لي رغبة في ان انازل من لا يستحقها، اذ ان السيف ينقص قدره اذا قيل ان السيف امضى من العصى.

كما انني على اطلاع ببعض الديناصورات المقبورة التي اطلت من حفرها ورفعت عقيرتها ونفثت سمها لتأصل للناس عن جهل.

ومع استقرائي لتاريخ الجامية المداخلة ومعرفتي ببعض المرضى منهم وقفت على حقائق كان لابد من اظهارها للامة في ظل اختلاط الاوراق وظهور شيوخ القراطيس الا وهي: 

أولا: غياب القدوات في حياة الجامية المداخلة: ومن ثم ادى الى غياب التربية الحقيقية الاخلاقية السلوكية مما اثر في عقولهم وسلوكهم، وهذه ظاهرة لابد ان تدرس عن مجاميع مريضة هائمة ليس لها لا قدوة ولا هدف ولا مما جعلهم اقران وفي مصاف بعض وكلهم مشايخ وعلماء وكلهم يفتي وكلهم احمد بن حنبل.

ولقد اجتهدت ان ألتمس لهم قدوة ولو في السن فوجدت كبارهم اسفه من صغارهم، فقلت: لعل قدواتهم هم الاعلم فما هي الا اوراق وشهادات تنبئك عن فساد علمي وجهل مركب.

فقلت: لعل قدواتهم الا دين والأ تقى فاجهدت نفسي وسبقت حسن الظن وغلبت الصفا على الكدر فلم ار فيهم من يوصف بالديانة الحقة, انهم شتات مفرق جمعه النظام واسدى عليهم ستاره فلا تجمعهم سوى قضية تصنيف الناس وتفسيقهم وتبديعهم بل ادق من ذلك ان الذي يربطهم هو شعورهم بالنبذ والطرد من المجتمع والكراهية المطلقة لكل الناس فمتى ما وجد المرء في نفسه بغضا وكراهية لامته وتاق له ان يشتم علماءها وينكس رايتها فليلحق بالجامية المداخلة.

ولا ادل على ذلك من كثرة تفرقهم وتشتتهم واختلافهم على بعضهم فعلى سبيل المثال لا الحصر انقسم الجامية المداخلة في الكويت فقط الى ست جماعات مريضة سخيفة ساذجة تشتم كل جماعة الاخرى، وتتكلم كل مجموعة في غيرها وعلى سبيل المثال منطقة (خيطان - القرين - الخالدية - الرقة - الفحيحيل - الجهراء)، بل في خيطان وحدها ثلاث جماعات فهم مثل اليوجلينا التي تنشطر.

وفي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم طهرها الله منهم ثلاث جماعات مدخلية، وفي الرياض كذلك وفي المنطقة الجنوبية والشرقية والوسطى وغيرها.

ان الايام تنبئك ان غياب القدوات له اكبر الاثر في بروز ظاهرة الجامية المداخلة ولسد هذا الخلل وعلاج هذا النقص يتمسحون بالعلماء ويتبركون بأسمائهم ظاهرا ويلعنونهم ويسبونهم باطنا ويختارون من آرائهم ما يناسب شهواتهم.

ثانيا: سوء الخلق وجفاء الاخوة وغلظ العبارة ووقاحة الاشارة وقسوة القلب وتلون الجلد ولعنة الطبائع واتساع الذمة والجبن والخوف عند الملمة والتملص من المسؤولية والهرب من المواجهة وهذا كله اثر طبيعي من اثار فقدان التربية فكيف وانى يرتجى من جزار لحوم وسقيم في مستشفى وصاحب شيشة ومدمن مخدرات وقاطع طريق وسارق اموال وجندي يحتذى ونعال تلبس ودابة تركب وشاذ اخلاقيا وسارق فكريا وحيوان ناطق.

من أين يرتجى من هؤلاء ان تحسن اخلاقهم وترتقي معارفهم ويكونوا قدوة للناس وماضيهم الاسود ينبئك عن سواد قلوبهم وعمى ابصارهم.

ان الواقع ليتبرأ من هؤلاء الذين يصدون عن اخوانهم فلا يسلمون لان الناس عندهم مبتدعة.

والمجالس تنبئك عن انشغالهم في تصنيف اخوانهم فلم يسلم منهم احد حتى انفسهم لم يسلموا من انفسهم.

فما تركوا عالما ولا شيخا ولا اماما ولا جماعة ولا فرقة الا لمزوها، ولم يسلم منهم الا ولي الامر حتى تسلم لهم رواتبهم وعطاياهم.

ثالثا: ضحالتهم الشرعية وقلة علمهم، فليس عندهم من يفاخرون به الا ميت هالك اعمى البصيرة وعجوز طاردته لعنة السلطان من المدينة الى مكة، ثم جيزان.

انهم هم المنظرون العلماء المفتون وقد شحنت رسائلهم بالاغاليط والاكاذيب والجرأة على العلماء السابقين والتنقص من قدرهم فيوم تكلموا في ابن حجر ومرة في النووي ومرة في البيهقي ومرة في القاضي عياض وهكذا، وقد شحنوا اشرطتهم بالاقوال المبتورة والحكايات المكذوبة الملفقة والنقول المغلوطة وحمل النصوص على غير محملها وانزال مرادات العلماء على ما يشتهون، انهم فقدوا الامانة العلمية التي طالما دندنوا حولها.

رابعا: لم يقدموا للأمة شيئا.

بالله عليكم ما الذي قدمه الجامية المداخلة لأمتنا اي صرح شيدوه، اي علم اظهروه، اي ضال هدوه، اي خير قدموه؟

ان مجموع ما قدمه الجامية المداخلة بشيوخهم الاحياء منهم والاموات وبشبابهم المجتمع منهم والشتات انما هو هدم وتفريق وكلام لا ينتهي في تصنيف الناس والعلماء وردود مريضة عقيمة كتبت بالقيح والصديد ملطخ بدم فاسد لتفريق الامة.

ان مجمل ما قدموه للأمة هو التجسس عليها، وضرب بعضها ببعض أليس الجامية المداخلة هم الذين قدموا تقريرا مفصلا عن الصحوة الاسلامية وخطرها على الامة، قدموه لمؤتمر وزراء الداخلية العرب لمكافحة الارهاب (ونملك نسخا من ذلك).

  • أليسوا هم الذين بلغوا عن كثير من التسجيلات الاسلامية في كل انحاء العالم ليتم اغلاقها ومصادرة ما فيها بحجة انها تنشر الارهاب، والحق انها تخالف آراءهم وتفضحهم ورؤساءهم من الاميركان والانكليز ونملك اسماء من قاموا بذلك.

  • أليسوا هم الذين بلغوا عن مئات الطلبة ليتم فصلهم من الدراسة او الوظيفة وهم في اوج تفوقهم وتقدمهم سواء في الدراسات العليا او الجامعية.

  • أليسوا هم الذين عملوا جواسيس بين الشباب لنقل اخبارهم في حلهم وترحالهم وجلوسهم وقعودهم.

  • أليسوا هم الذين اختبروا الناس بفتنة ولي الأمر كما اختبر ابن أبي دؤاد الناس بفتنة خلق القرآن ايام المأمون.

  • أليسوا هم الذين صوروا للنظام ان هذه الصحوة المباركة أخطبوط سيبتلع النظام وألصقوا به تهما وزوروا عليه وافتروا حتى يزج بعلماء الامة بالسجون ثم هم لم يقوموا بالاصلاح مكانهم لانهم لا يملكون ولا يقدمون على ذلك.

    خامسا: لا يملك الجامية اي قبول لهم بين الناس ولا حتى بين اهلهم بل حتى بين بعضهم فقلوبهم متنافرة، وهم كالجواسيس في الدول الشيوعية كل منهم يخاف من الاخر ان يشي به أو يتكلم عنه.

    وبحثا عن القبول وامعانا في التدليس والاضلال مارسوا تقمص الشخصيات فترى شيخهم الاعجمي (ولا طعن في الانساب) يتقمص لباس نجد ولهجتهم ولكنتهم ليكسب ودهم، وتراه ينسب نفسه لعلماء نجد وهم منه براء، امعانا في حل عقدة النقص، وأي فضل تتحصل عليه في تغيير اسمك او نسب ولحوقك بغير قومك وأسلافك.

    سادسا: التناقض الصارخ في حياتهم بين النظرية والتطبيق، ففي الوقت الذي يتكلمون فيه عن ولي الامر يعصونه متى ما احتاجوا او غابت اعين الرقابة عنهم، وفي اوقات حسب مزاجهم واهوائهم وفي الوقت الذي يتكلمون عن اخوانهم من باقي الجماعات ويشنعون عليهم ويجاورهم في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم مئات من المتصوفة والعلوية ولا يجرؤون ان يتكلموا عليهم.

    في الوقت الذي يفسقون فيه الامة، يرتمون هم في أحضان الفساق ممن يعملون لحسابهم.

    وفي الوقت الذي يتكلمون فيه عن الامانة يسرقون أموال الناس ويجحدون العارية ولا يرجعون الدين، ونملك أدلة على ذلك.

    وفي الوقت الذي يتكلمون فيه عن الدين وصيانة أعراض المسلمين هم يتفرجون على مذابح المسلمين ويباركون ذلك بصمتهم بل بالدعوة للتخلي عنهم.

    سابعا: ولي الأمر لقد اكثر الجامية المداخلة الكلام عن ولي الأمر وأنا على يقين انهم يفاخرون في هذه القضية لان ظهورهم بعد لم تجلد وتسخن عليهم الحديدة ولم تفتح لهم المعتقلات، ومع هذا فهم يتخذون ولي الأمر ستار التطويع الناس او إرهابهم.

    وصلى الله على نبينا محمد
    والله يكتب لنا الأجر والثواب

    [جريدة الراي العام / الكويتية | 19-03-2004]
  • ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق