الأحد، 2 نوفمبر 2014

الرد على الجامية | الإنصاف

تساءل الكثير حول صحة ومصداقية ما قلت ونقلت من أقوال وآراء عن بعض الاخوة تلامذة وزملاء عبد الله السبت وعلى وجه التحديد مشايخ جمعية إحياء التراث وهم محمد الحمود والشيخ حاي الحاي والأخ داود العسعوسي والأخ صالح الغانم والأخ عبد العزيز الهدة وهل يعقل أنهم يطلقون هذه الأحكام ويشنعون على غيرهم ويصفونهم بالخوارج وللموصوفين بذلك أسوة في ذلك الكم العظيم من علماء السلف وأين إحياء تراث الأمة وتقدير سلفها . 

وكيف ساغ لهم ؟ القول بأن ترك الحكم بما أنزل الله كبيرة وليس كفرا إلا إذا استحل ولم يقل بالكفر إلا الخوارج وان القائل بذلك مفتر على الله . قلت أن ذلك لم يكن افتراء وإنما هو نص ما ذكره السبت في مقالات الأنباء في 15/3/98 وفي محاضرة الأخطار الداخلية ، وذكره محمد الحمود في محاضرة فتنة التكفير . 

والأخ عبد العزيز الهدة في محاضرة فتنة التكفير وذكره الأخ داود العسعوسي في محاضرته حول التكفير وذكره الأخ صالح الغانم في مقال الوطن في 10/3/98 . 

وهو الذي نصت عليه جمعية إحياء التراث في منهجها ص 40 . وقد سبق أن بينت أن الذين خالفوهم في ذلك واتهموهم بأنهم خوارج وجهلة .. هــم : 

من المتأخرين الإمام الشوكاني في السيل الجرار ( 4/578 ) ، الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي عام المملكة في رسالة تحكيم القوانين ، الشيخ أحمد شاكر في عمدة التفسير ( 4/173ـ 174 ) تعليقا على الكتاب ، الأمين الشنقيطي في أضواء البيان ( 4/92 ) ، الشيخ صالح بن إبراهيم البيلهي في حاشية زاد المستقنع المسماة بالسلسبيل ( 2/384 ) ، الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه ـ الله في نقد القومية العربية وفي مجموع فتاوى للشيخ بن باز ـ رحمه الله ـ ( 1/309 ) ، الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ في كتاب فتنة التكفير للألباني ـ رحمه الله ـ وتعليقات بن باز والعثيمين هامش 28 ، الشيخ صالح الفوزان في كتاب الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ( 1/72 ) ، الشيخ سليمان بن عبد الله النجدي في تيسير العزيز الحميد ص ( 554 ) ، الشيخ صالح آل الشيخ في شرح الأصول الثلاثة الشريط ( 6 ) ، والشيخ ابن جبرين في شريط أقوال العلماء في من يدل الشرائع . وفي فتاواه بتاريخ14/5/1417 في إقرار كلام شيخه محمد بن إبراهيم حول الحاكمية ج ( 12/280ـ290 ) . 

ومن المتقدمين شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ( 7/547 ) ( 28 /501 ) و ( 3/267 ) انظر كتاب " منهج ابن تيمية في مسألة التكفير " للدكتور المشعبي ( ج 1/47 ، 77 ، 129 ) وانظر كتاب " الإيمان ابن تيمية " ( ص 136 ) والإمام ابن القيم في إعلام الموقعين ( 1/85 ) وفي مفتاح دار السعادة ( 1/94 ) والإمام ابن كثير في التفسير ( 1/520 ) وفي البداية والنهاية ( 14/25 ) و ( 13/128 ) وابن حزم في الفصل ( 3/259 ) وفي الأحكام ( 1/92 ) . 

وكذا لم أفتر على السبت ومدرسته الجامية في اشتراط الإمام لانعقاد الجهاد وهو الذي ذكره في مقالاته في الأنباء وفي فتنة التكفير وذكره تلامذته في شبهات حول منهج الجمعية وقد سبق ذكر من خالفهم بذلك . 

وهم صديق خان في الروضة ( 333) وابن حزم في المحلى ( 7/351 ) ( 10/99 ) ابن قدامة في المغني ( 10/366 ) الحسين بن مسعود البغوي ( 2/225 ) ومن قبل ابن أبي العز الحنفي 437 شرح الطحاوية والإمام القرافي في الذخيرة 35/393 والشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في الدرر السنية ( 7/97 ) . 

وهؤلاء الذين أطلق عليهم السبت بخوارج العصر أو أطلق على من أخذ برأيهم بأنه من خوارج العصر . 

وكذا لم أفتر على السبت ومدرسته الجامية في اختصاص إنكار المنكر باليد بالإمام وأن ذلك ليس لأحد من المسلمين وهو ما ذكره السبت في وصفه للخوارج في محاضرة منهج أهل السنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وذكر في منهج جمعية إحياء التراث ص 24 . 

وقد سبق ذكر من خالفهم بذلك وهم . الإمام أحمد كما روى ذلك الخلال في كتاب الأمر بالمعروف ( 50،64،68،71 ) ، الإمام النووي في شرح مسلم ( 2/25 ) وفي روضة الطالبين ( 10/220 ) ( 5/18 ) وابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين ص ( 124 ، 129 ) ، وابن مفلح في الآداب الشرعية ( 1/195 ) وابن النحاس الشافعي في تنبيه الغافلين ( 57 ) والقاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن ( 1/293 ) والشيخ محمد بن ناصر بن معمر في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ( 2/41 ) والشيخ محمد بن إبراهيم في ( 6/185 ) مجموع الفتاوى فهؤلاء من أطلق السبت عليهم أو على أتباعهم خوارج العصر . 

وكذا لم أفتر على السبت ومدرسته الجامية حينما اتهم من كشف عوار علماء السلطان ممن ألبسوا أفعاله ثوب الشريعة وسوغوا له كل ما يريد . بأنهم خوارج العصر وهو ما ذكر في مقاله الأخير في الأنباء في 15/3/98 . 

وقد بينت أن العلماء على قسمين مخلص لا يجوز اتهامه ولص متكسب بعلمه عين على الدعاة جاسوس للسلطان باع دينه بعرض من الدنيا فهذا يجب الكلام والتحذير منه ودللت على ذلك بقول جعفر بن محمد في السير ( 6/262 ) والفضيل بن عياض في صفة الصفوة ( 4/140 ) والإمام سحنون في السير ( 12/65 ) والإمام سفيان في السير ( 13/286 ) والإمام وهب بن منبه ( 9/279 ) في البداية والنهاية . وفصل ذلك ابن مفلح في الآداب الشرعية ( 3/323 ) فليس الأمر كما ذكر السبت من أن من أنكر على العلماء واتهمهم بأنهم علماء سلطة ودهاقنة حكام صار خارجيا . 

والخلاصة : لعل سائلا يسأل لم هذا الاهتمام في مقالات ومحاضرات عبد اله السبت وتلامذته حول قضية خوارج العصر والأمر لا يعنيك في كثير أو قليل ؟ 

قلت : الموضوع جد خطير إذا علمت أخي العزيز أن كل الأحاديث التي أوردها السبت في مقالاته عن الخوارج ( من أنهم شرار أمة النبي ) و ( أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) وأنهم ( كلاب النار ) وأنهم من قاتلهم كان أولى بالله منهم . وأن في قتلهم أجرا يوم القيامة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا لقيتموهم فاقتلوهم وقال شيخه الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 28/512 وفي النبوات 129 اتفق على قتالهم سلف الأمة والأئمة . 

وقال في الفتاوى ( 28/499 ) فأما قتل الواحد المقدور عليه من الخوارج كالحرورية والرافضة ونحوهم فذا فيه قولان للفقهاء هما روايتان عن الإمام أحمد والصحيح أنه يجوز قتل الواحد منهم . 

وقال ابن قدامة في المغني ( 8/107 ) ( والصحيح إن شاء الله أن الخوارج يجوز قتلهم ابتداء والإجهاز على جريحهم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم ووعده بالثواب لمن قتلهم ) . 

أقول بعد كل هذا التهييج من السبت على قتل خوارج العصر لأنهم امتداد للقديم . واستباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم وهو يعلم جيدا أن من فرق الخوارج من في حكمهم التي عناها الأزارقة والنجدات والصفرية والإباظية والعجاردة والرافضة بالإضافة إلى من أخذ بأقوال فقهاء الإسلام الذين خالفوا رأيه . 

أبعد كل هذا التهييج وحمل النصوص على غير محملها مما يسبب الفتن وإراقة الدماء والثورات والاضطراب الداخلي وتمزق المجتمع الواحد وتقسيم المسلمين إلى شيع وأحزاب بعد كل هذا صار واجبا على أهل العلم بيان خطورة هذه المدرسة السبتية الجامية المدخلية التي تنزل الأحكام على غير مقاصدها الشرعية ولعل السبب في ذلك أمران اثنان : 

الأول : التجرؤ على العلماء وتربية التلاميذ على ذلك مع تعد احترام ولا اعتبار آرائهم وهذه مشكلة سبق الإشارة إلى سبيلها وهو عدم التأصيل الشرعي وتلقي العلم على أهله ولذلك لا قيمة لهم عندهم فاليوم يشتم الإمام أبو حنيفة وغدا مالك وبعده الشافعي بحجة الاتباع وعدم التقليد وهذا هو السبب الرئيسي الذي أوقفت وزارة الأوقاف السبت من أجله عن كل المحاضرات في مساجدها بتاريخ 3/12/95 وذكرت ما نصه في البند العاشر ( مجمل محاضرات الشيخ فيها دعوة صريحة إلى تجرئة الطلاب والشباب على النيل من الفقهاء والعلماء والسلف الصالح من الأمة والتمرد عليهم والاستهانة بآرائهم ومذاهبهم والخروج على هذه المذاهب ، مما يؤدي إلى قطع هؤلاء الشباب عن جذورهم وأصولهم والاعتزاز والمفاخرة بهذا السلف ، مما يؤدي في النهاية إلى التفلت والشذوذ والتطرف ) . 

الثاني : هو احتكار الحق واعتقاد الوكالة عن السلف الأمة فلا سلفي ولا متبع للحق إلا السبت وقد بدا ذلك واضحا على لسانه ولسان الأخ محمد الحمود وحاي الحاي وغيرهم حين يحتكرون سلف الأمة في رخصة من وزارة الشؤون لجمعية نفع عام فلا سلف إلا في جمعيتهم ولا أتباع إلا عندهم ( قال سلفنا هكذا قال علماؤنا وهو الحق الذي عليه سلفنا ) وكأنهم أجيزوا أن يتكلموا أو أن يوزعوا السلفية على من يشاءوا ونسوا أن السلفية منهج متبع وليس رخصة جمعية نفع عام يستظل الإنسان بظلها فهو خارج السلفية قبل أن يصير عضوا فاعلا وسلفي إذا انضم لهم . 

ويا ليتهم نظروا لسعة فهم السلف في التعامل مع الخلافيات . قال الإمام الزركشي ( اعلم أن الله لم ينصب على جميع الأحكام الشرعية أدلة قاطعة بل جعلها ظنية قصدا للتوسيع على المكلفين لئلا ينحصروا في مذهب واحد بقيام الدليل القاطع ) تسهيل الوصول للمحلاوي ص 240 . 

وقول ابن خلدون في المقدمة ص 362 ( اعلم أن هذا الفقه المستنبط من الأدلة الشرعية كثر فيه الخلاف بين المجتهدين باختلاف مداركهم وأنظارهم خلافا لا بد من وقوعه واتسع ذلك في الملة اتساعا عظيما ) . 

فلا شك أن الخلاف والاختلاف واقع وله محمل حسن وذلك في غير الإخباريات أو ما أجمعت الأمة عليه أو ما علم من الدين بالضرورة أو ما كان قطعي الثبوت والدلالة وهو الذي أشار إليه الإمام الشاطبي في الاعتصام 2/168 بقوله : فإن الله تعالى حكم بحكمته أن تكون فروع هذه الملة قابلة للأنظار ومجالا للظنون وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها عادة … ) وهذا الذي أشرت إليه من احتكار الحق والصواب عند السبت ومدرسته هو الذي سماه العلماء تعصبا ذميما ، يقول الإمام ابن عبد للهادي ( وما تحلى طالب العلم بشيء أحسن من الإنصاف وترك التعصب ) نصب الراية للزيلعي ( 1/355 ) . 

قال شيخ الإسلام ( 22/254 ) وجمهور المتعصبين لا يعرفون من الكتاب والسنة إلا ما شاء الله ، بل يتمسكون بأحاديث ضعيفة وآراء فاسدة أو حكايات عن العلماء والشيوخ قد تكون صدقا وقد تكون كذبا . 

ولعل أشد صور هذا التعصب هو اعتقاد أنك الفائز الوحيد وغيرك خاسر بل ويزعم بأن فئته أو مذهبه أو أتباعه هم أهل أسنة والجماعة وهم الفرقة الناجية ومن عداهم ممن هم أهل السنة والجماعة بالحقيقة لا بالادعاء يراهم بسبب تعصبه ونظرته المحتكرة ـ أنهم خارج أهل السنة بل ربما صرح بأنهم من الفرق الهالكة ولا شك أنه يترتب على هاذ ، التبديع والطعن في العدالة والدين والاتهام في القصد والإرادة وإيقاع الهجر وهذا كله من البغي والعدوان وهاذ لا يتناقض مع النقاش العلمي والهادئ وهي دعوة مفتوحة الزمان والمكان للاخوة سابقي الذكر في هذه المقالات حول ما سبق طرحه . 

وختاما نحن لا نريد إلا الإنصاف فمن خالفكم بمسوغ شرعي وله مندوحة من أقوال العلماء فلا يجوز لكم الإنكار والتشهير عليه ولي أعناق الآيات والأحاديث وأقوال العلماء لإسقاطها على المخالف ، بل الحق يوجب عليكم الإنصاف والعدل . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ( 2/275 ) ( مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه ، فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين ) . وقال في موضع آخر ( 19/122 ) وقد اتفق الصحابة وتنازعوا فيها على إقرار كل فريق للآخر على العمل باجتهادهم كمسائل في العبادات والمناكح والمواريث والعطاء والسياسة وغير ذلك … وهم الأئمة الذين ثبت بالنصوص أنهم لا يجتمعون على باطل ولا ضلالة . قال ابن القيم في إعلام الموقعين ( 1/49 ) ( … أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام ولا يخرجون بذلك عن الإيمان وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانا ) . 

قال يحيى بن سعيد فيما رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ( 2/80 ) ( ما برح أولو التقوى يفتون فيحل هذا ويحرم هذا فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله ، ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه ) . 

فقليلا من الإنصاف أيها المشايخ رحمة بالأمة وبالاتباع وكفى الأمة شقاقا وفرقة وتناحرا فهي لا تحتاج إلى وصايتكم عليها واشغلوا شبابكم بالعلم النافع والعمل الصالح فليست الأمة بحاجة لمن يزيد جراحها ويفرق شبابها وإنما هي بحاجة لمن يلم شملها ويجمع شعثها ويهديها لكتاب ربها وسنة نبيها فقليلا من الإنصاف يا اخوة . 

فلا تبتئس أن وسع الله في الهدىمذاهبنا بالعلم والله واسـع 
تفرقت الآراء والدين واحــدوكل إلى رأي من الحق راجع

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه / طارق الطواري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق