الحمد لله القائل : { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم } ... والقائل :{ ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل } وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ... وبعد :
فهذا خطاب مفتوح موجه إلى فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي أريد أن يطلع الجميع عليه لأن ما فيه يهم كثيراً من الناس في الوقت الحاضر بوجه عام ، والسلفيين منهم بوجه خاص :
ما كنت أود أن أقف هذا الموقف معكم يا فضيلة الشيخ ربيع - هداكم الله - ولكنكم أبيتم علي إلا أن أقفه ، وكثيراً ما يجد المرء نفسه ملزماً باتخاذ موقف معين أزاء فتنة يتعرض لها ، وليست فعلتكم هذه بأول أفعالكم مع الدعاة وطلبة العلم - بل والعلماء -والمصلحين عامة ، ولا هي كبوة تخالف سجيتكم على كل حال . لكنكم كنتم تنالون من غيري فيكثر ويبلغني وأقرأ لكم وأتعجب من جرأتكم في الاستطالة في الإعراض ، ولكني آثرت أن لا أجعل من نفسي مخاصماً عن غيري ، فما كلفني الله بذلك. حتى جاء دوري ، ولم أكن أرتاب - في الحقيقة - لأنه يبدو أنكم أدمنتم الاستطالة في أعراض المسلمين ، وخاصة الدعاة ، فسامحكم الله .
وقد كان نصيبي أعظم نصيب ، وتكلمتم في شأني بكلام شديد حيث زعمتم أن عبد الرزاق الشايجي : ( يدافع عن أهل البدع والباطل ويطعن بأهل السنة . منهجه فاسد . يخدم أهل البدع ، ويخدم أهل الفتن . كل أساليبه مغالطات وكلامه فارغ وكله كذب ، وأخس من أهل البدع . شيطان يعرف الحق ويحاربه ، ويحارب أهله وينصر الباطل ... سلفيته ما هي إلا مجرد لباس لضرب الحق وإيذائه . رجل لا خير فيه . مصيبة على الإسلام . يجب هجره ويفعل فيه أكثر من الهجران . رجل يكذب ويبالغ ما يصلح للمناظرة جاهل . هذا الرجل ليس له شئ من السلفية . ألف في أهل السنة كتاباً فيه ثلاثين أصلاً كلها قامت على الفجور والكذب والافتراء ، وجعلتهم أخبث الفرق ، وجمعوا شر ما عند الفرق . يلبس السلفية خداعاً لتضليل الشباب . أساء إلى السلفيين أكثر من أهل البدع . يتبع بكتاباته أسلوب المنافقين فهم يظهرون الإسلام وهو يظهر السلفية ، ثم يحارب أشد من المنافقين .. فالمنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يضعوا ثلاثين أصل ، هذا هو النفاق ويظهر السلفية ثم يكر على أهل السنة والمنهج السلفي ويحطمه . متستر يدافع عن أهل البدع ويلمعهم ويشوه أهل السنة . أخطر على الإسلام وعلى السلفية من أهل البدع الواضحين . يلبس لباس السلفية ثم يضرب في أهلها ضرباً شديداً ، ثم يمدح أهل البدع والضلال ، ويدافع عنهم بقوة ثم لا يترك شراً في أهل البدع ... أي جناية على الإسلام أشد من هذه ) .
وألقيتم بهذا الكلام إلى الطلبة والطالبات في كلية الشريعة التي أقوم بالتدريس فيها عبر الاتصالات الدولية المتكررة ... وقد كان سبب توجه هؤلاء الطلبة والطالبات بالسؤال إليكم - علماً أنكم تقيمون في المدينة النبوية - هو أن بعضاً من دكاترة الكلية يوجه الطلبة والطالبات إليكم - معتبرين إياكم إماماً " لأهل السنة " في هذا العصر - ولا يرضون سوى قولكم فينزلونه منزلة المعصوم لا يجوز لأحد أن يرد عليه.
ولما كان الشيخ ربيع بن هادي ينزع في نقده لي وفي غيري من طلبة العلم والدعاة إلى المنهج الذي اخترعه في النقد والذي سماه : " منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف" .
وكان قد خرج على المسلمين بهذا المنهج الظالم الذي نسبه إلى سلف الأمة ، وأهل السنة والذي يقوم على التعدي والظلم واتهام الناس بالباطل ، وإخراج المسلمين من الإسلام ، ورميهم بالبدعة والزندقة ... فإنني رأيت دفعاً للظلم الواقع علي ، ودفاعاً عن نفسي ، والدفاع عن النفس مشروع بل واجب أحياناً لقول الله تعالى : { والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون } ، وكذلك دفاعاً عن منهج أهل السنة والجماعة الحق في النقد والنصح لكل مسلم ... رأيت أن أوجه هذا الخطاب إلى الشيخ ربيع بن هادي خاصة وللمسلمين عامة - وأنا وإن كنت أصغر من الشيخ ربيع سناً ، وأقل علماً إلا أن الرد على المخالف للحق من أصول أهل السنة والجماعة ، ودفع الظلم عن النفس مشروع – فأقول :
أولاً : هذا المنهج الذي سميته "منهج أهل السنة في نقد الرجال والكتب والطوائف" ليس سوى منهج أهل البدع ، وقد سلكتم في حشد النقول المؤيدة لمذهبكم المخترع طريقة أهل البدع في البحث عما لهم ، والإغضاء عن ما عليهم من الآثار ، فقد تركت كثيراً من النقول التي تعرفها عن السلف والأئمة وكبار المحدثين كأنها لا تخدم ما كنت ترمي إليه.
ثانياً : قولكم يا شيخ ربيع أنني دخلت السلفية لهدمها هو حكم على السرائر والضمائر ، ودعوى بالاطلاع على الغيب ، وأنا بحمد الله لم أعرف دعوة غير الدعوة السلفية .... فعلى أيدي مشايخها تلقيت العلم ... فكيف أكون قد دخلت السلفية لهدمها ... كما أنه بشهادة أتباعك ومريديك في الكويت أنني من أشد السلفيين دفاعاً عن السلفية سواءاً بالمقالات أو المناظرات ... ثم إن هذه السلفية ليست داراً ولا ضيعة لكم يا شيخ ربيع ، ولا لأتباعكم ومريديكم حتى تحكم على من يدخل فيها ويخرج منها .
ثالثاً : قولكم يا شيخ ربيع أنني ألفت في أهل السنة ثلاثين أصلاً كلها قامت على الفجور ، والكذب والافتراء ، وجعلتهم أخبث الفرق . والجواب أن الذي قلته إنما هو في جماعة نسبت إلى السلفية أصولاً ليست من السلفية ... وعندي الدليل القاطع على أقوال هذه الطائفة في كل أصل أصلوه وقالوه ، وأنا عندما كتبت كتاب (الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية) لم أذكر أحداً بالاسم، فلماذا حملتم يا شيخ ربيع هذه الأصول الثلاثين عليكم فإذا كنتم تعلمون أن هذه الأصول لا تنطبق عليكم ولستم من القائلين بها .. فهي لا تهمكم إذاً ، ولا تعنيكم ... وإذا كنتم ترون أنكم من القائلين بهذه الأصول فلتقل إذن إن هذه الأصول هي أصولنا ولتذكر ولتدلل أنها هي أصول أهل السنة كما تدعي .
رابعاً : قولكم يا شيخ ربيع : ( إن سيد قطب ما ترك بدعة إلا واحتواها ، ولا أصلاً من أصول الإسلام إلا وهدمه ) .
هذا القول يا شيخ ربيع يمثل تماماً منهج التعدي والظلم واتهام الناس بالباطل ، فلا شك أن سيد قطب - رحمه الله - كان يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله ، ويؤمن برسل الله وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الأخر ، ويؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى ، وكان يقيم الصلاة ، ويرى وجوب الزكاة ، والصوم ، والحج ، ويرى وجوب الصدق والأمانة ، ولا يكذب بشعبة من شعب الإيمان السبعين، وإن كانت له أقوال أخطأ فيها ، فإنها لا تهدم هذه الأصول التي كان يؤمن بها وينشرها . . فكيف يقال في مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ويدعو إلى الكتاب والسنة ، أنه لم يترك بدعة إلا واحتواها ، ولا أصلاً للإسلام إلا وهدمه .
إن هذا الحكم الذي أطلقتموه يا فضيلة الشيخ على سيد قطب - رحمه الله - يمثل انحراف المنهج الذي تسيرون عليه في الحكم على الناس واخراجهم من الإسلام ، وتكفيرهم وتبديعهم ، ولا أظن أن هناك كفر بعد أن يكون الشخص لم يترك أصلاً للإسلام إلا وهدمه ، ولا بدعة إلا احتواها ، وهل هذا التكفير تكفير .
إن إبليس نفسه وهو رأس الكفر لا يقال عنه أنه لم يترك أصلاً للإسلام إلا وهدمه ، لأنه كان يعتقد باليوم الآخر {قال انظرني إلى يوم يبعثون} وكان يعتقد بقوة الله وقدرته {فبعزتك لأغوينهم أجمعين} فكيف يقال في مسلم صالح مجاهد ، قتل صبراً في سبيل الله ، ودفاعاً عن دينه أنه لم يترك بدعة إلا واحتواها ، ولا ترك أصلاً للإسلام إلا وهدمه !!
هل هذا هو " منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف " الذي ادعيتموه يا شيخ ربيع ، وكتبتم فيه ، ودعوتم إليه . لا شك أن هذا المنهج الذي يقوم على الظلم وتكفير المسلمين هو منهج الخوارج في تكفير المسلم بل إن الخوارج لم يقولوا مثل هذا في الذين يكفرونهم ، وهذا يوضح جلياً الأصل الأول الذي ذكرناه عن الطائفة التي أدخلت في السلفية ما ليس فيها ، أنهم خوارج مع الدعاة ... مرجئة مع الحكام ... رافضة مع الجماعات ... قدرية مع اليهود والنصارى والكفار .
ولا شك أن منهجكم يا شيخ ربيع في نقد الدعاة والجمعات ، والحكم على الناس ليس هو منهج أهل السنة والجماعة ... فإن أهل السنة كانوا أرحم الناس بالمخالفين فإنهم لم يكفروا الخوارج ، ولا المتأولين في الصفات ، ولم يتهموا الناس بالباطل ... وكان نقدهم ووزنهم للناس كموازين الذهب يزنون بمثقال الذرة في الخير والشر ... وإذا كان مثل سيد قطب - رحمه الله - يقال فيه هكذا (لم يترك بدعة إلا واحتواها ، ولا أصلاً للإسلام إلا وهدمه) فكيف بمن هو دون سيد قطب - رحمه الله –
إن هذا يجرئ - وقد جرأ فعلا -ً صغار الطلاب الذين سمعوا هذا الكلام مسجلاً منكم يا شيخ ربيع في الحكم على المسلمين وتكفيرهم ، وتبديعهم ، وتضليلهم بأدنىالأسباب .
إني أقول للشيخ ربيع - وهو أستاذ في الحديث ويعلم مناهج المحدثين في الجرح والتعديل - لقد أفسدت منهج أهل الحديث في النقد ، وجعلت الجرح بالهوى والتعصب والمبالغة ، والظلم والتعدي .
إني يا فضيلة الشيخ أخاف عليكم من تحمل إثم كل الذين تجرئ ألسنتهم اليوم بتكفير سيد قطب - رحمه الله - ولعنه ، وتضليله ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((... ومن لعن مؤمناً فهو كقتله )) ، (( لا ينبغي لصديق أن يكون لعاناً )) ، ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذئ )) .
لقد اسمتع إلى كلامكم هذا في سيد قطب صغار طلاب " العلم " وراحوا يبدعونه ويلعنونه ، ولا شك أنك ستتحمل تبعة هذا كله لأنك الداعي لذلك والمحرض عليه.
إن حكمك علي بأنني شيطان مريد ، وأنني افتريت عليكم ثلاثين أصلاً ، وأنه يجب هجري ، وتحريضكم طلبة كلية الشريعة بالكويت ألا يدرسوا عندي . وكل ذلك جاء على أصلكم الفاسد في نقد الرجال ، واتهام الناس بالباطل والظلم ..
وهذا المنهج قد أخرج مجموعة من اتباعكم عندنا في الكويت لا هم لهم إلا التكفير والتبديع والتفسيق والجرح ، وهؤلاء قد كفروا مجموعة كبيرة من الدعاة والمصلحين ، وأصبح الفتى الصغير بل والفتاة الصغيرة ترى نفسها إماماً في الجرح والتعديل ، والحكم على الرجال والجماعات والكتب والطوائف !! وأصبحت الأحكام عندهم من جنس هذه الأحكام التي تطلقونها على المسلمين .
ثم إنكم عمدتم إلى أصل من أصول أهل السنة وهو هجر المبتدع فأنزلتموه غير منازله الشرعية ، فبعد أن كان أصلاً لنصر الإسلام ، وإعزاز السنة ، وقمع البدعة جعلتوه أصلاً لهدم الإسلام وإذلال أهل السنة ، وتقوية أهل البدعة ، وذلك لأنكم اتبعتم فيه الهوى ، فسويتم بين البدعة الكبرى التي يشرع هجر فاعلها ، وبين البدعة الصغرى التي لا يحسن معها هجر ، وأدخلتم في باب البدع ما ليس منه كجعلكم الجماعة ، والتعاون على فعل الخير بدعة ، وهو أصل من أصول الإسلام ، وواجب من الواجبات لا يتم الواجب إلا به فإن الله قد خاطب الأمة بجميع فروض الكفايات كنصب الإمام ، وإقامة الجمع والجماعات ، والدفاع عن حوزة الإسلام ورد أعدائه بالبغي والسنان والحجة ، والبرهان ، وتعليم العلم ونشر الخير والفضيلة ، وكل هذا من فروض الكفايات ، وهي في معظم بلاد المسلمين مهجورة معطلة ، ولا يتم أداؤها وإقامتها إلا بالاجتماع والتعاون بين المسلمين ... فجئتم أنتم فبدعتم كل من تنادى وشمر عن ساعد الجد لسد فرض من هذه الفروض ، وادعيتم أنه لم يكن من هدي السلف تكوين جماعات ، ولا تأسيس دعوات ... وبنيتم على أصلكم الفاسد هذا تبديع وتفسيق كل من دعا إلى فضيلة ، وتعاون مع غيره لسد فرض من فروض الكفاية ، وجعلتم الاجتماع على الخير كالاجتماع على الشر ، وحزب الرحمن كحزب الشيطان ، وجماعة الهدى كفرق الضلال ، وجماعات أهل السنة كجماعات أهل البدعة ، فسويتم بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، ونصر السنة ونصر البدعة ، وكنتم في كل هذا - جاهلين أو عالمين - خادمين.
فضيلة الشيخ ربيع بن هادي : أنا أعلم أن هذه الورقات القليلة في هذه الرسالة ربما سيكون مصيرها مصير الورقات الأربع المشهورة لشيخنا بكر أبو زيد - حفظه الله - فقد ناله منكم في كتابكم الذي ملأتموه بالسباب والشتائم ما الله به عليم كل ذلك رداً على رسالته البليغة ، وأنني أريد أن أأتسي بالشيخ بكر أو زيد - حفظه الله - وأنا أعلم أنه ربما نالني منكم أضعاف ما قلتموه في الشيخ بكر أبو زيد ، ولكنني في الحقيقة أريد أن أتقرب إلى الله بسبكم لي ، ولكني أختلف عن هؤلاء ، أنني سأخرج مذهبكم كله للناس .. ما خفي منه وما ظهر ، وسأنشر على الجميع حقيقة مذهبكم الباطني الذي تخفونه ولا تظهرونه ، وتتعاهدوا على كتمانه ليعلم الناس حقيقة المنهج الباطل الذي يسمونه ، منهج أهل السنة في الحكم على الطوائف والكتب والرجال .
وعندما يخرج كتاب الخطوط العريضة بطبعته الثانية
إن شاء الله موضحاً كل أصل من أصولكم الفاسدة بأقوالكم وأقوال تلاميذكم بنصوصها دون زيادة أو نقصان سيكون هذا إن شاء الله كافياً للقضاء على فتنتكم ، وتعريف الناس بحقيقة مذهبكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق